رسالة إلى كل أب وأم .. ماهي خطتك للتعامل مع ابنك المراهق خلال فترة كورونا؟

سيناريو تكرر في معظم عائلات المراهقين بعد إغلاق المدارس وبعد اعلان حظر التجول.. كيف لي ألا أخرج من البيت؟  كيف لي ألا التقى أصدقائي للعب FIFA أو لتناول العشاء؟ كيف لي ألا التقى بمجموعات الدراسة؟  لم يكن للتباعد الجسدي “Physical Distancing”  تعريف في قاموس المراهقين، ولا حتى الكبار.. ولكن إذا ألقينا الضوء على الكيفية التي ينظر بها المراهقون إلى مفهوم التباعد الجسدي فإنهم يرونه على أنه ظلم وإجحاف وتحكم من الوالدين مرفوض ٌ مرفوض..

من هنا يأتي السؤال كيف يمكن للوالدين حل هذه المعادلة الصعبة واعداد خطة مع أبنائهم المراهقين في المحجر؟. 

خلال فترة المراهقة يصبح المراهق أكثر انسجاماً مع جماعة الرفاق وهذا هو التطور الطبيعي لدورة حياة الأسرة، وعندما نفرض عليه ” التباعد الجسدي” أو ” الحظر” فأنه ينظر إليه كما لو أنه “حبس انفرادي” بعيداً عن أصدقائه أو من يشاركهم الاهتمامات وهذا أمر صعب.   ومعلوم أنه من الخصائص النفسية للمراهق نمو ” الاستقلالية” وهذا ما يجعله راغباً في الحرية والخروج عن جلباب الأسرة سواء بالمظهر الخارجي أو بالتمرد على قوانين الأسرة من خلال الخروج الكثير والسهر المبالغ فيه.. وهذا نمط عام في كل المجتمعات مع تفاوت الدرجة وفقاً لكل مجتمع والأطر الاجتماعية التي تنظمه..

وللتعامل مع ذلك يمكن للآباء العمل مع المراهقين من خلال عدة أمور: 

  • الإقرار بالمشاعر: التي يشعر بها  المراهق في المرحلة الحالية، وهذا ما يسمى بالتعاطف وفي نفس الوقت  العمل معهم على مفهوم” إعادة تقييم العلاقات” و”الأولويات ” في كل مرحلة من مراحل الحياة” فالحياة تمر بدورات ولكل دورة من هذه الدورات أولويات مختلفة.  إن هذا ليس تحكماً بقدر ما هو إعادة تنظيم للحياة وما ينتج عنها من إعادة تنظيم للمشاعر..  أخبر ابنك /ابنتك أنه من الطبيعي أن تشعر بالخوف من المجهول والمستقبل، وأن تشعر بالحزن لعدم التقائك بأصدقائك وتركك للمدرسة وعدم التواصل مع زملاء المدرسة ولكن في الوقت الحالي تختلف الأولويات باختلاف الوضع الراهن والمصلحة العامة للبلاد.
  • المراهق بطبيعته ذا نزعة خيّرة واجتماعية: والعمل على هذه الدوافع يجعل المراهق يشارك في نشر رسالة المحبة والتكافل الاجتماعي المطلوب في مثل هذا الوضع الذي نعيشه وعند تحقيقه للهدف الأسمى يمكنه العودة إلى روتينه السابق.  كما وأنه من خلال التزامه بالتباعد الجسدي يقترب أكثر من والديه وعائلته مما يشعره بنوع آخر من الرضا عن ذاته.
  • دعم احتياجات المراهق النفسية الأساسية الثلاثة (الاستقلالية والاستحقراق والارتباط):  إذا تم إحباط أي من هذه، فإن دوافعهم لتحدي خطة اللعبة سترتفع – لعبة المنع والحظر-
  • بالنسبة للاستقلالية: من الجيد أن تتأكد من منحهم القدر الكافي من الحرية والخصوصية.. حاول -قدر المستطاع- أن تبتعد عن لغة التحكم- اسألهم عن خطتهم لليوم. 

الشعور بالتقدير ومنح المكانة يعزز ثقة المراهق بنفسه.  وبعبارة أخرى يمكننا أن نقول: أن مفتاح  التواصل مع المراهقين يكون  من خلال  طرح الأسئلة عليهم، وإعطائهم خيارات بعيداً عن الأوامر  ونبرة التحكم الوالدية  وهذا يمتص نزعة  التمرد لديهم ويجعلهم أكثر سلاسة ومرونة في التعامل.

  • من أجل الاستحقاق: المراهق ليس بطفل صغير يستطيع أن يلبي احتياجاته بنفسه؛ يستيقظ بنفسه ويقوم بتنظيم احتياجاته اليومية بنفسه والمساعدة في الطهي  مما يشعره بأن لديه مسئوليات حقيقية. 
  • وفيما يتعلق بالارتباط : وذلك مع خلال تعزيز روح الجماعة مقابل سيطرة  أنا المراهق من خلال إقامة مخيمات منزلية  من الوسائد أو في فناء المنزل إن وجد،  والقيام بالأعمال المنزلية الجماعية   كأعمال الطبخ والتنظيف الجامعي.. ماذا عن تنظيف سجادة ؟؟  وبعد ذلك القيام  بتركيب  أحجيات  جماعية.. حفظ القرآن بشكل جماعي و غناء الكاريوكي .. كلها أمور ممتعة وتعزز العلاقة بين المراهق وذويه.

ماذا عن وسائل التواصل الاجتماعي ومشاركة الأصدقاء” فعاليات المحجر”؟

من المهم التعامل مع المراهقين بمرونة وإعطائهم خيارات. حاول أن تبدأ مع ابنك بخطوات صغيرة، مثلاً “سنتناول جميعًا الغداء أو العشاء معًا”. وليس بالضرورة أن يكون هذا الأمر بشكل يومي.  فالرقص مع المراهق وفقاً لإيقاعه يعزز العلاقة بينك  وبين ابنك/ ابنتك.   فعلى سبيل المثال فلا تمنعه من اللعب ” أونلاين” مع أصدقائه ولكن عوضاً عن ذلك ارقص معه رقصة “الدقائق العشر”: هل يمكننا أن نلعب UNO معاً لمدة عشر دقائق ثم تذهب لاستكمال لعبة FIFA مع أصدقائك؟ أو هل يمكنك أن تساعديني في ترتيب المائدة وبعد ذلك لك مطلق الحرية في التواصل مع صديقاتك على Houseparty ؟

استخدام الجداول الزمنية مع المراهقين مهمة ولكنها تختلف عن استخدامها مع الأطفال فهي بحاحة إلى تنظيم مختلف، مرونة أكثر وتذكر المثل الشهير ” إن كبر ابنك خاويه”.. أوقات النوم ليس بالضرورة أن تكون ثابتة فما تمر به أنت من صدمة التغيير يمر به ابنك أيضاً والمرونة مطلوبة في مثل هذه الظروف.  

وأخيراً ماذا عن طلاب المدرسة الثانوية الذين لم يتسن لهم استكمال حفلات نهاية العام وحفلات التخرج و الدورات التحضيرية للجامعة الاختبارات التحصيلية واختبارات القدرات والSAT وغيرها؟؟؟ 

نعود إلى المربع الأول والأهم (الاقرار بالمشاعر وطبيعيتها). دون أن ندعهم يبحرون بعيداً في ذلك.. فكل منا قد فقد جزءاً من خططه المستقبلية في هذه المرحلة. ليس علي المستوى الفردي فحسب بل على مستوى العالمي.  ومشاركة ذلك مع المراهق يجعله يشعر بأنه جزء من نسيج العالم مع وجود مساحة لمشاعره وغضبه وقلقه: “للأسف هذا ما حدث واعلم أنه ليس ما تريد ولكن اتفهم مشاعرك وما تمر به”.

 رسالة لكل أب وأم ومربي: أخبر ابنك بأن هذا ليس أسوء سيناريو يمكن أن يحدث.. الأسوء ألا تلتزم فتزداد جائحة كورونا سوءاً. 

https://www.unicef.org/coronavirus/how-teenagers-can-protect-their-mental-health-during-coronavirus-covid-19

https://childmind.org/article/supporting-teenagers-and-young-adults-during-the-coronavirus-crisis/

ميسون الخضير

ميسون الخضير

أخصائي علاج زواجي وأسري